الجمعة، 22 يونيو 2012

مقال مهم عن الانتقال من دولة الفوضى إلى دولة المؤسسات


مقال مهم عن الانتقال من دولة الفوضى إلى دولة المؤسسات للعزيز معاذ بجاش رئيس مؤسسة أفكار للأبحاث والاستشارات...أرجو مشاركتي في قراءته فهذا أوان التأمل في قضايا بناء الدولة...

تحديات بناء الدولة..
من دولة الفوضى إلى دولة المؤسسات
قبل الحديث عن الدولة المؤسسية اتسأل هنا من هم الذين سيبنون دولة المؤسسات؟
هل هم رجال السياسة الذين أدارو البلد كما تدار الصداقات الشخصية والعلاقات الاجتماعية؟ ام هم الذين ركبو ظهر الشعب وعلقو امامه جزره الثورة؟! ثم ما لبثو ان اتفقو على التقاسم في الوقت الذي مازالت آلاف الأسر المكلومة بفقد عزيز ازهقت روحه في اتون المواجهات السياسية الذي اُستُخدِم فيها الشعب تنتظر ثمار الثورة!! ام انهم رجال الاعمال الذين جمعو ثروات طائلة على حساب الشعب وانتهاز الدولة التي فتحت خزانتها امام ما لا يتجاوز المئات من الأسر التجارية في الوقت الذي استكثرو ما ستأخذه منهم خزينة الدولة من ضربية المبيعات؟!! ام انهم العسكر الذين لايعرفون غير لغة الأوامر ولا يستخدمون غير ادوات القتل والقوة؟ ام انهم شيوخ القبائل الذين يرون في قبائلهم دولاً داخل الدولة ويتعاملون مع كل ما يرتبط بها فيداً أباحته ضعف الدولة وقوة القبيلة؟!!

تتحدث التقارير الدولية عن اليمن بلغة أرقام حقيقية ناتجة عن عمل إستقصائي وميداني كبير واغلبها ان لم تكن كلها تنذر بكارثة في اليمن سواء مايتعلق بمخزون المياة الجوفية أو بوضع الاقتصاد والسياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة في ادارة موارد البلاد، واخرى تتحدث عن الفساد المالي وعن انهيار التعليم الحكومي واخرى تتحدث بقلق عن الوضع الصحي وسوء التغذية والفقر....الخ.
عندما نقول السياسات الحكومية الخاطئة فهذا يعني ان من يعدها ومن ينفذها يقوم بذلك بطريقة خاطئة إلا ان افتراضية ان واضعي تلك السياسات ومنفذيها غير مؤهلين التأهيل الكافي للقيام بذلك ونحن نتحدث عن نسبة كبيرة من الكوادر في مؤسسات الدولة.. إذن فالموظفون ناقصي التأهيل والمعرفة لا يرسمون سياسات كاملة وصحيحة ولا ينفذونها بطريقة صحيحة ايضا.، ومن هذه النقطة أسحب القارئ الكريم الى أحجية الدولة المدنية او الدولة المؤسسية.
ان الدولة المؤسسية مشروع أمة متكاملة ينسجم فيها السياسي والتاجر والعسكري والمواطن في أدوار متتالية لصناعة تفاصيل حياة يحضر فيها قانون المساواة في الحقوق والتعليم الصحيح المواكب لإحتياجات العصر.
احترام اشارة المرور علامة تحضر مجتمع ما وثقافة الطابور دليل وعي مدني اختزل كل القوانيين كسلوكيات مجتمعية مسلم بها في الدولة المؤسسية يتغير القادة وتبقى المؤسسات تعمل بلا توقف.. يصنع القرار فيها وفق معطيات ومعلومات وبيانات وإحصاءات وليس وفق الرغبات والبرمات والحبكات والبرزات القلم الذي يجر أمراً خاطئاً يُكسر!!
في الدولة المؤسسية يعمل الجميع أفرادا وكيانات وفق خطط وانظمة إنتاج و آليات قياس وتقييم وتقويم يطور فيها الجيد ويجوّد فيها الضعيف .. لامكان في الدولة المؤسسية للنتائج المتناقضة ولا للأخطاء المركبة.. ولاقبول للعقليات النمطية التي تعرض عليها فكرة جديدة فتجيبك أنت في اليمن!! تفكر في الصعوبات قبل النجاحات.
يجب ان نتخلص من قانون الاستثناءات الذي اصبح هو القانون الحاضر في كل مجالات الحياة الأمر شبيه بتدخل وراثي لإستئصال الجينات المسئولة عن فهمنا ان القانون للضعفاء فقط وانه يقف ضد مصالحنا وهذا يتطلب تعليم اساسي قائم على ردم الفجوة بين المعرفة والتطبيق فكل ما يتلقاه الطلاب في المدرسة في الجامعة يجب يمارسونه ويطبقونه في حياتهم اليومية.
مع اندلاع الثورة الشبابية في فبراير العام الماضي ازدادت الاصوات وارتفعت في الحديث عن دولة المؤسسات او الدولة المدنية الحديثة إلا ان الحديث لم يخرج عن دائرة توجيه النقذ اللاذع للرئيس السابق ونظام حكمه بسوء ادارة البلد خلال فترة حكمه.
لكنها أي تلك الأصوات لم تخبرنا كيف سيتم تحقيق الدولة المدنية او الدولة المؤسسية ومتى وماكلفتها وماسيقف امامها ولانعرف كيف سيُطبق القانون ولا كيف سُيصلح التعليم ولا كيف سيَستقل القضاء ولا كيف سيُحارب الفساد ولا كيف سيُحفظ الأمن ويُوجد الإستقرار؟
إن النظام الحاكم لم يولي بناء مؤسسات الدولة الاهتمام الكافي والصحيح وفق معايير معمول بها ومتعارف عليها في كوكب!
ومن قاعدة ان الموظفون غير المؤهلون لا يرسُمون سياسات صحيحة أتسأل كيف ننتظر من نظام حكم ضعيف التأهيل في المعارف والقدرات اللازم توافرها في إدارة وظيفة الدولة ان يبني دولة مؤسسية وفي النهاية نتهمه بشخصنة الدولة ومؤسساتها وكأن الحاكم هو الوحيد الكائن البشري وبقية من يعمل معه اشبه بآلات كهربائية لاحول لها ولاقوة وهنا لا اعني اليمن فقط ولكنها قاعدة عامة تنطبق على كثير من الدول، ومايخص وضعنا في اليمن تحديدا سمعت ان الرئيس صالح ينظر لكل من عملو معه وانظمو للثورة كناكري معروف او خونة، وهو لايدرك انه لايوجد في السياسة مصطلح متفق عليه اسمه ((نكران المعروف )) لو قامت السياسة على عكس قاعدة نكران المعروف لتحولت من أنبل المهام والأعمال بين البشر! ايضا لايوجد مايمنع اي موظف حكومي مهما كانت وظيفته من الاستقالة لأسباب لاحصر لها طالماتعكس قناعاته النقطة الحساسة هنا هي ان الرئيس صالح هو من بدأ بنكران المعروف في اللحظة التي قرر فيها العزوف عن سماع اهل الرأي وأهل الاختصاص والخبرة الذين قابلوه بنكران مماثل في أول موقف امتنعو فيه بقول رأيهم وفي أسوأ الاحوال عندما بدأو يوافقوه الرأي مداهنة لا مداراةً لأسباب يعلمها هو.
يتشكل مفهوم الدولة في اليمن كخليط من عدة روافد تشكل الثقافة المجتمعية الآتية من قوانيين وتقاليد القبيلة الرافد الاكبر وتتشكل البقية الباقية مما تناقلة المجتمع من انظمة العمل في الدولة العثمانية ومما تركه لنا المصريين في اول عقدين بعد ثورة 1962 م.
أمر مهم اعتقده هنا يتمثل في ان مشكلة بناء الدولة المؤسسية كانت مختزلة كعقدة نقص لدى الحاكم الذي قد يرى في نفسه ان اعتماده على المتخصصين في مجال الادارة والاقتصاد إعترافا منه بضعف تعليمه وتواضع ثقافته الادارية، ايضا قد يفهم ان إتباعِه لخطط الاقتصاديين ورجال الادارة يسلبه قدرا من سلطاته ولا استبعد انه قد يشعر بشيئ من التشاركية منهم معه غير المعلنة في ادارة البلد وتوجيه سياساته.
فالاهتمام الذي اولاه الرئيس صالح على سبيل المثال بالمؤسسة العسكرية خلال فترة حكمه اجده منطقيا من شخص ترعرع فيها وبالتالي من الطبيعي ان استيعابه لثقافة العمل العسكري وامتلاكه الخبرة والقدرة معاً جعلته يدرك اهمية هذه المؤسسة ، فلو أتى صالح من المؤسسة المدنية لأهتم ببنائها إلا انه تعثر على ما يبدو بقاعدة " ان الانسان عدو ما يجهل" وفي تقدري لوكان صالح قائدا للجيش فقط لتلاشت الكثير من اخطائه المتعلقة بفكرة الدولة المؤسسية.
الامر الثاني لاادري مالموانع التي جعلت من الاعتماد على الكفاءات العربية والاجنبية غير وارد في علقية الحاكم ونخبته خلال عقد الثمانينات والتسعينات.. لعلها احد صور انتهاك السياة الوطنية!!.. اقولها مازحا.
في الوقت الذي وجدنا فيه اعتماد دول عربية كالسعودية وسلطنة عمان ودولة الامارات على الخبرات العربية والاجنبية التي ساهمت بشكل مباشر في بناء مؤسسات الدولة وادارة مقدرات البلد اقتصاديا وقدمت المشورة في انظمة الادارة.، ولعل الجهل بعملية بناء الثقة في الآخر كانت وراء ذلك.
في ثمانينيات القرن الماضي تم اكتشاف النفط واستخراجه في اليمن عبر هنت الامريكية في قطاع 18 وقتها عاشت اليمن افضل ست او اربع سنوات في تاريخها. ومع اعتماد موازنة الدولة على ريع الثروة النفطية بدأ التركيز على الدفع بعجلة التنمية وظل الانسان بعيدا كل البعد على التنمية النوعية والمتخصصة للقيام بالدور المطلوب منه في بناء الدولة المؤسسية.
إن سوء التوجيه الذي تعرضت له موارد البلد منذ الثمانينات ادى الى انفاقها في اوجه ليست ذات اولوية باتجاه مأسسة الدولة هانحن اليوم كشعب بأكمله نعيش نتائج سياسات اقتصادية وأخرى إدارية بسبب قانون مابدى بدينا عليه! إن حجم الفارق في حياتنا لو كان الانسان اليمني على رأس اهتمامات الدولة يخيفنا من التفكير فيه، فبناء الدولة أياً كانت عسكرية او امنية او مدنية او مؤسسية تحتاج الى بناء الانسان وإعداده الإعداد الصحيح والكامل ولعل مشروع الدولة القبلية في اليمن من بين المشاريع كالدولة الدينية والدولة المدنية والدولة المؤسسية والدولة العسكرية هي الوحيدة التي اهتمت ببناء الانسان فيها فهو ملم ومدرك لكل موجبات القبّيَلة ويحفظ عن ظهر قلب عاداتها ويلتزم تلقائيا بأعرافها ويمارس السلوكيات المتفقة والمعبرة عن مفاهيم أعراف القبيلة وخير دليل على ذلك تلك الأبقار التي تذبح كحلول مقبولة يُداس فيها القانون وتُداس معه هيبة الدولة على مرأى من الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق